رياض محرز وماركوس راشفورد.. قصص نجاح ملهمة

Riyad Mahrez

كرة القدم ليست مجرد لعبة، بل هي أيضًا منصة لسرد قصة النضال الإنساني والطموح والنجاح. تلهم قصص العديد من اللاعبين الملايين من الناس، ولكن هل هناك أوجه تشابه بينها تربط بين لاعبي كرة قدم مختلفين على ما يبدو؟ في هذه المقالة، نلقي نظرة على مسيرة رياض محرز وماركوس راشفورد، اثنين من أكثر اللاعبين تألقًا في عصرنا. وعلى الرغم من خلفياتهم المختلفة وأساليب لعبهم وظروفهم المختلفة، فإن إنجازاتهم تتشابه بشكل مذهل.

من البدايات المتواضعة: رحلة للخروج من الظل

وُلِد رياض محرز عام 1991 في بلدة سارسيل الصغيرة، في ضواحي باريس، لأبوين مهاجرين جزائريين. أمضى طفولته في حي حيث كانت كرة القدم هي طريقته للهروب من الشوارع. ومع ذلك، لم يكن محرز من النوع الذي يمكن أن نطلق عليه موهبة نجمية في سن مبكرة. لقد تم التقليل من شأنه في الأكاديميات: كان نحيفًا للغاية وغير قادر على التنافس مع الشباب الأكثر تطورًا جسديًا. لكن الرياض كان لديه موهبة لا يمكن قياسها: تقنية مذهلة، وشغف باللعبة، وقدرة على التكيف. ماركوس راشفوردوفي الوقت نفسه، وُلِد في مانشستر عام 1997 لعائلة من الطبقة العاملة. أمضى طفولته في ويذينشو، إحدى أكثر المناطق حرمانًا في المدينة. لم تكن كرة القدم مجرد هواية، بل كانت وسيلة للخروج من الفقر. كان ماركوس أحد الإضافات الأولى لأكاديمية مانشستر يونايتد، لكن طريقه إلى الفريق الأول لم يكن سهلاً أيضًا. لم تنجح مشاكل الغذاء والفقر والمنافسة في كسر عزيمة راشفورد، بل جعلته أقوى.

وكان مفتاح نجاح اللاعبين هو صبرهما واستعدادهما للعمل على أنفسهما. قطع رياض محرز شوطا طويلا عبر دوريات الدرجة الأولى الفرنسية. كان أول نادي لعب له هو كيمبر، ثم لعب في لوهافر، وهو فريق من الدرجة الثانية الفرنسية. لم يكن أحد ليتخيل أن هذا اللاعب العادي سيصبح أحد اللاعبين الأساسيين في ليستر، الذي فاز ببطولة الدوري الإنجليزي بشكل مثير في موسم 2. أثبت محرز جدارته في كل مرحلة من مراحل مسيرته الكروية، حيث طور مهاراته في المراوغة وحس اللعب والتسديد بالقدم اليسرى. وعلى عكس محرز، نجح راشفورد في الوصول إلى نخبة لاعبي كرة القدم بين عشية وضحاها. في عام 2015، مع قلة المهاجمين في تشكيلة مانشستر يونايتد الأساسية بسبب الإصابات، حصل الشاب ماركوس على فرصة الظهور لأول مرة في مباراة بالدوري الأوروبي ضد ميتيلاند. ولم يكتف بالظهور لأول مرة بل سجل هدفين، مكررًا النجاح الذي حققه في مباراته الأولى في الدوري الإنجليزي الممتاز. لقد أصبح تقدمه السريع ممكنًا بفضل سنوات من التدريب والعمل الدؤوب في الأكاديمية.

ماركوس راشفورد

يعد كل من محرز وراشفورد مثالين على كيفية الجمع بين الموهبة الطبيعية والعمل الجاد للتغلب على أي عقبة. ويتميز محرز بقدرته على المراوغة ورؤيته للملعب وقدرته على تسجيل الأهداف المهمة. لم يكن طريقه إلى النجاح سهلاً، لكنه من خلال التغلب على التحديات تمكن من تشكيل نفسه كلاعب. وفي مانشستر سيتي أصبح جزءًا أساسيًا من الفريق، حيث فاز بالألقاب وأظهر ثباتًا لا يصدق على أعلى مستوى. من ناحية أخرى، يتمتع راشفورد بسرعة مذهلة وتسديد جيد، لكنه أيضًا متعدد المهارات وقادر على التكيف مع مواقع مختلفة في الملعب. لكن موهبته تتجاوز كرة القدم. في عام 2020، أصبح وجه النضال من أجل العدالة الاجتماعية، من خلال حملته من أجل توفير وجبات مدرسية مجانية في المملكة المتحدة. لقد جلب له هذا العمل ليس فقط الاحترام، ولكن أيضًا مكانة القائد الحقيقي - على أرض الملعب وخارجه.

بالنسبة لكلا اللاعبين، كانت هناك لحظات في حياتهما المهنية غيرت حياتهما بشكل جذري. بالنسبة لمحرز، جاءت تلك اللحظة مع انتقاله إلى ليستر سيتي في عام 2014. في ذلك الوقت، لم يكن أحد يتوقع أن يصبح الشاب الجزائري رمزًا للنادي الذي سيخلق بعد عامين واحدة من أكبر الأحاسيس في تاريخ كرة القدم. ولعبت أهدافه وتمريراته الحاسمة دورًا رئيسيًا في فوز ليستر بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وتم اختيار رياض كأفضل لاعب في العام. لكن راشفورد كان تحت نوع مختلف من الضغط. بعد ظهوره الأول الرائع مع مانشستر يونايتد، كانت التوقعات عالية على الفور بالنسبة له. لقد كان على قدر هذه التوقعات، فأصبح تدريجيا قائدا للفريق، خاصة خلال الفترات الصعبة التي مر بها النادي. يعد رياض محرز رمزًا لملايين لاعبي كرة القدم الأفارقة والمسلمين الذين يرون فيه مثالاً على كيف يمكن للعمل الجاد والثقة بالنفس أن يؤديا إلى النجاح. إن تواضعه وأسلوب لعبه يلهم الشباب، وخاصة أولئك الذين يواجهون التمييز والصعوبات. بالإضافة إلى إنجازاته الكروية، أصبح ماركوس راشفورد شخصية عامة نشطة. وقد حظيت مبادراتها لمكافحة جوع الأطفال بالتقدير ليس في إنجلترا فحسب، بل في جميع أنحاء العالم. وأظهر راشفورد أن الرياضي لا يمكن أن يكون محترفًا على أرض الملعب فحسب، بل يمكن أن يكون أيضًا عاملًا للتغيير في المجتمع.

Riyad Mahrez